سورة الأنبياء - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنبياء)


        


{بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ (44) قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ (45) وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (46) وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (48)}
{بَلْ مَتَّعْنَا هؤلاء} أي متعناهم بالنعم والعافية في الدنيا، فطغوا بذلك ونسوا عقاب الله، والإضراب ببل عن معنى الكلام المتقدم: أي لم يحملهم على الكفر والاستهزاء نصر ولا حفظ، بل حملهم على ذلك أنا متعناهم وآباءهم.
{نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ} ذكر في [الرعد: 43] {وَلاَ يَسْمَعُ الصم الدعآء} إشارة إلى الكفار، والصم استعارة في إفراط إعراضهم {نَفْحَةٌ} أي خطرة وفيها تقليل العذاب، والمعنى أنهم لو رأوا أقل شيء من عذاب الله لأذعنوا واعترفروا بذنوبهم {وَنَضَعُ الموازين القسط} أي العدل، وإنما أفرد القسط وهو صفة للجمع، لأنه مصدر وصف به كالعدل والرضا، وعلى تقدير ذوات القسط، ومذهب أهل السنة أن الميزان يوم القيامة حقيقة، له كفتان ولسان وعمود توزن فيه الأعمال، والخفة والثقل متعلقة بالأجسام، وإما صحف الأعمال، أو ما شاء الله، وقالت: المعتزلة: إن الميزان عبارة عن العدل، في الجزاء {لِيَوْمِ القيامة}، وقال ابن عطية تقديره: لحساب يوم القيامة، أو لحكمة، فهو على حذف مضاف وقال الزمخشري: هو كقولك كتبت الكتاب لست خلون من الشعر {مِثْقَالَ حَبَّةٍ} أي وزنها والرفع على أن كان تامة، والنصب على أها ناقصة واسمها مضمر {الفرقان} هنا التوراة، وقل التفرقة بين الحق والباطل بالنصر وإقامة الحجة.


{وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (50) وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (53)}
{وهذا ذِكْرٌ} يعني القرآن {رُشْدَهُ} أي إرشاده إلى توحيد الله وكسر الأصنام وغير ذلك {مِن قَبْلُ} أي قبل موسى وهارون، وقيل آتيناه رشده قبل النبوة {وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ} أي علمناه أنه يستحق ذلك {التماثيل} يعني الأصنام وكانت على صور بني آدم {وَجَدْنَآ آبَآءَنَا} اعتراف بالتقليد من غير دليل.


{قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55) قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (56) وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58) قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61)}
{قالوا أَجِئْتَنَا بالحق} أي هل الذي تقول حق أم مزاح، وانظر كيف عبر عن الحق بالفعل، وعن اللعب بالجملة الإسمية، لأنه أثبت عندهم {فطَرَهُنَّ} أي خلقهن، والضمير للسموات والأرض، أو التماثيل، وهذا أليق بالرد عليهم {بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ} يعني خروجهم إلى عيدهم {جُذَاذاً} أي فتاتاً، ويجوز فيه الضم والكسر والفتح، وهو من الجذ بمعنى القطع {إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ} ترك الصنم الكبير لم يكسره وعلق القدم في يده {لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ} الضمير للصنم الكبير أي يرجعون إليه فيسألونه فلا يجيبهم، فيظهر لهم أنه لا يقدر على شيء، وقيل: الضمير لإبراهيم عليه الصلاة والسلام، أي يرجعون إليه فيبين لهم الحق.
{قَالُواْ مَن فَعَلَ هذا} قبله محذوف تقديره: فرجعوا من عيدهم فرأوا الأصنام مكسورة، فقالوا: {مَن فَعَلَ هذا} {فَتًى يَذْكُرُهُمْ} أي يذكرهم بالذم وبقوله: {لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} {يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} قيل: إن إعراب إبراهيم منادى، وقيل: خبر ابتداء مضمر، وقيل رفع على الإهمال، والصحيح أنه مفعول لم يسم فاعله، لأن المراد الاسم لا المسمى وهذا اختيار ابن عطية والزمخشري {لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ} أي يشهدون عليه بما فعل أو يحضرون عقوبتنا له.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11